[ جواب عن تزييف الشيخ التعريف الفيثاغورسی ]
أقول : ما ذكره الشيخ فی تزييف التعريف الفيثاغورسی من أن الحركة
ليست نفس الغيرية و انما هی مفيدش الغيرية ، فليس بذلك اذ الحركة
نفس التجدد والخروج من حاله ( 10 ) الی غيره لاما به يتجدد الشیء و يخرج
بل نفس خروج الشیء عن حاله نفس غيريته لها فی التحقق و الثبوت وان
تغايرا فی المفهوم ، و ذلك كاف فی الرسوم .
و أما الذی نقل من ( 11 ) قوم و زيفة و هو انها طبيعة ( 12 ) غير محدودش
، فستعلم فی موضعه من اثبات تجدد الاكوان الجوهرية و تحول الطبيعة
السارية فی كل جسم ، و ان تجددها و تبدلها فی ذاتها و جوهرها أصل جميع
الحركات والاستحالات الارضية ( 13 ) العرضية .
[ تشكيك الامام الرازی ]
عقدش و حل :
قال الامام الرازی فی المباحث المشرقية وشرحه لعيون الحكمة :
" ان لی فی خروج الشیء ، من القيوش الی الفعل علی التدريج تشكيكا مع
أنه اتفقت آراء الحكماء عليه ، فان الشیء اذا تغير فذلك التغير اما أن
يكون لحصول شیء فيه أو لزوال شیء عنه فانه ان لم يحدث فيه شیء مما كان
معدوما ولم يزل عنه شیء مما كان موجودا وجب أن يكون حاله فی ذلك الان
كحاله قبل ذلك فلم يوجد فيه تغير وقد فرض ذلك ، هذا خلف ، فاذن الشیء
اذا تغير فلا بدهناك من حدوث شیء فيه أوزوال شیء عنه . فلنفرض أنه حدث
فيه شیء فذلك الشیء قدكان معدوما ثم وجد ، وكل ماكان كذلك فلو جوده
ابتداء و ذلك الابتداء غير منقسم والا لكان أحد جزئيه هوالابتداء لاهو ،
فذلك الذی حدث اما أن يكون فی ابتداء وجوده موجودا أولا يكون ، فان لم
يكن فهو بعد فی عدم لا فی ابتداء وجوده ( 14 ) وان حصل له وجود فلا يخلو
اما أن يكون
قد بقی منه شیء بالقوش أولم يبق ، فان لم يبق فالشیء قد حصل بتمامه فی
أول حدوثه فهو حاصل دفعة لايسيرا يسيرا ، وان بقی منه شیء بالقوه فذلك
الشیء الذی بقی اما أن يكون عين الذی وجد ، و هو محال لاستحالة أن يكون
شیء واحد موجودا و معدوما دفعة واحدش ، و اما أن يكون غيره ( 15 ) فحينئذ
الذی حصل أولا فقد حصل بتمامه ، والذی لم يحصل فهو بتمامه معدوم وليس
هناك شیء واحد له حصول علی التدريج بل هناك أمور متتالية . فالحاصل ان
الشیء الاحدی الذات يمتنع أن يكون له حصول الا دفعة بل الشیء الذی له
أجزاء كثيرش أمكن أن يقال ان حصوله علی التدريج علی معنی أن كل واحد من
تلك الافراد انما يحصل فی حين بعد حين ، و أما علی التحقيق فكل ما حدث
فقد حدث بتمامه دفعة و مالم يحدث فهو بتمامه معدوم . فهذا ما عندی فی
هذا الموضع " .
هذا كلامه .
[ جواب بهمنيار عن تشكيك الامام الرازی و جواب ميرداماد عنه ]
وأقول : ان بهمنيار ذكر هذه الشبهة ناقلا اياها عمن سبقه من الاقدمين (
16 ) و أبطلها بأنها انما تنفی وجود الحركة بمعنی القطع و هی غير موجودش
فی الاعيان والموجود من الحركة انما هوالتوسط المذكور و هو ليس الا أمرا
سيالا
لايكون متقضيا ( 17 ) ولاحقا . وجمهور المتأخرين سلكوا هذا المنهج زاعمين
انه منهج الحكمة الامولانا و سيدنا الاستاد دام ظله العالی ( 18 ) حيث أفاد
أن النافين للحركة بمعنی القطع قائلون بأن التوسط المذكور يرسم فی الوهم
أمرا حادثا تدريجيا علی نعت الاتصال وان اجتمعت هناك أجزاؤه الحادثة
علی التدريج ( 19 ) ، و اذاكان حصول الشیء الواحد علی سبيل التدريج غير
معقول فلم يتصور ذلك سواء كان فی الاعيان أوفی الاوهام ، و هذا القياس
المغالطی ( 20 ) لوصح لكان حجة ناهضة هناك أيضا اذ لااختصاص له بأحد
الوجودين أصلا ، واللازم خلف ، وقد اجتمعت الاراء علی بطلانها ، كيف وقد
برهن علی اتصال الجسم وعدم انفصاله الی غير المنقسمات الوضعية كما سيجیء
فی مباحث الجوهر و خروع الجسم من أين الی أين آخر مشاهد محسوس ، و ذلك
الخروج أمر تدريجی منطبق علی المسافة المتصلة ، فوجود كمية متصلة غير
قارش منطبقة علی كمية متصلة قارش ولو فی الخيال من الضروريات التی لايمكن
انكارها .
[ جواب عن تشكيك الرازی بقلع اساس الاشكال ]
فالحری قلع أساس الاشكال و تخريب بنائه بافشاء وجه الغلط فيه ، و ذلك
غير متعسر علی من وفق له بل ميسر لمن خلق له ، فان وجود الشیء بتمامه فی
الان غير وجوده فی الزمان اذ قديكون للشیء وجود فی الزمان وليس وجوده ولا
وجود جزء منه فی الان بل وجود نهاية منه ، و نهايةالشیء خارجة عنه لانه
عدمه و انقطاعه ، و وحدش الشیء
لا يأبی ذلك أصلا لان الحركة و الزمان و ما يجری مجرا هما من الامور الضعيفة
الوجود التی وجود كل جزء منها يجامع عدم غيره ، و التدريج فی الحدوث
لاينا فی وجود الشیء الممتد الواحد بتمامه فی مجموع الزمان الذی هو أيضا
متصل واحد شخصی فی نفسه بل انما ينافی وجوده بتمامه أو وجود بعض منه فی
الان . ثم لايلزم أن يكون لكل حادث ابتداء آنی يوجد هو أو جزء منه فی ذلك
الان ، و هذا الغلط انما نشأ من اشتراك لفظ الابتداء بين معنيين متغايرين
فان لفظ الابتداء قد يطلق علی طرف الشیء و نهايته وقد يطلق علی الان الذی
يوجد فيه الشیء الدفعی الحدوث المستمرالذات أولا ، والحركة ليست مما
يوجد دفعة ثم يستمر ، فليس لها آن أول الحدوث ولا لجزء منها لان
جزءالحركة أيضا حركة ، بل لها طرف و نهاية يختص بان هو منطبق علی طرفها
.
[ ما ذكره الشيخ فی النجاش فی تعريف الحركة ]
ومن تعاريف الحركة ما ذكره الشيخ فی النجاش وهو :
" ان الحركة تبدل حال قارش فی الجسم يسيرا يسيرا علی سبيل اتجاه نحو
شیء والوصول به اليه ، و هو بالقوش أو بالفعل ( 21 " .
فلنبين قيود هذا التعريف و احترازاته . فقوله : " تبدل حال قارش "
احتراز عن انتقال من حال غير قارش الی حال غير قارش اخری كانتقال من متی
الی متی أو من فعل الی فعل أو من انفعال الی انفعال اذ تلك الامور أحوال
غير قارش ( 22 ) ، والا نتقال منها
ليس حركة كما ان التلبس بها ليس بسكون . وقوله : " فی الجسم "
احتراز عن تبدل الا حوال القارش للنفوس المجردش ( 23 ) من صفاتها و
ادراكاتها اذ ذلك لايكون حركة لاعن تبدل الهيولی الاولی فی صفاتها علی ما
قيل فان للهيولی حركة فی استعداداتها و انفعالاتها . وقد يقال ان المتحرك
فی الحركة الكمية ليس الا المادش ( 24 ) بل المراد من الجسم مايعمه
ومادته . وقوله : " يسيرا يسيرا " يخرج تبدلا لايكون كذلك فی الجسم و
تبدل الهيولی فی صورها الجوهرية فان ذلك عند الشيخ و جمهورالحكماء لا
يمكن أن يكون علی سبيل التدريج ، و سينكشف لك الحق الذی فيه . وقوله :
" علی سبيل اتجاه نحو شیء " احترز به عن تبدل الجسم فی ضوئه مثلا ،
والانتقال عنه يسيرا يسيرا الی الظلمة فانه و ان كان فيه تبدل فی حال قارش
تدريجا الا أنه ليس بحركة لعدم كونه علی سبيل التوجه نحو شیء ، و أراد
بالسببية المعبر عنها بالباء القريبة الذاتية احترازا عن تبدل أحوال قارش
تدريجا لا يكون الوصول الی ما يترتب عليه أوليا أو ذاتيا كما ستعلم فی
مباحث العلة الغائية من أن الغاية قدتكون ذاتية وقد تكون عرضية ، و
بذلك يخرج عن الحد الانتقال من جدش الی جدش أو من اضافة الی اضافة اذ كل
منهما و ان كان تدريجيا الا أن شيئا منهما ليس غاية ذاتية أو أولية بل
التبدل فيهما مسبوق بتبدل فی غيرهما ، و انما عمم فی الغاية المذكورش
ليشمل مالها غاية بالفعل كما لاتدوم من الحركات المستقيمة ، و ما ليس
لها غاية بالفعل كما تدوم من الحركات الدورية اذ ما يحصل لها انما هو
رضع تدريجی صالح لان يفصل الی أوضاع لايكون
شیء منها بالفعل بل بالقوش القريبة من الفعل .
[ تعاريف اخری للحركة ]
ومن تعاريفها ما ذكره رهط من حكماء الاسلام و فاقا للمتقد مين و هو ان
الحركة زوال من حال أوسلوك من قوش الی فعل . وفی الشفاء : ان ذلك غلط
لان نسبة الزوال والسلو ك الی الحركة ليست كنسبة الجنس أو ما يشبه
الجنس بل كنسبة الالفاظ المترادفة اياها ، اذهاتان اللفظتان والحركة
وضعت أولا لاستبدال الشیء فی المكان ثم نقلت الی الاحوال .
و أقرب التعاريف هو أن يقال : الحركة هی موافاش حدود بالقوش علی
الاتصال . والسكون هو أن تنقطع هذه الموافاش . و تك الحدود تقترض
بالموافاش والحركة علی هذا النحو يتبعها وجود الحركة بمعنی القطع الذی
سنذكرها .